منتدى العالم افقر من ان يعطينا
منتدى العالم افقر من ان يعطينا
منتدى العالم افقر من ان يعطينا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العالم افقر من ان يعطينا

منتدى العالم افقر من ان يعطينا
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مونيكا
المدير العام
المدير العام
مونيكا


عدد المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 02/07/2010

تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام    تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام  I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 18, 2010 1:43 am

أولا ً: مدخل إلى سفر طوبيا

1.محور السفر
سفر طوبيا ( و الذى يقع عقب سفر نحميا مباشرة ) هو عظة عاطفية جميلة و مؤثرة ، كما تحسب بحق ، تحفة أدبية و روحية رائعة ، و هى تصور التقوى التى تحلّى بها اليهود ، إبان فترات السبى بعيدا ً عن أورشليم الأم موطن النبوات و الأنبياء ، و محطّ أنظار الشعوب ، كما يمثلّ السفر سمة خاصة فى مرحلة التطور لليهود بعد السبى .

أما أحداث السفر، فتدور فى بيئة شديدة الشبه ، ببيئة الآباء الأول إبراهيم و إسحق و يعقوب ، و تتناول عائلتين يهوديتين تعيشان فى السبى ، الأولى هى عائلة طوبيا ، حيث تسكن فى نينوى و الثانية عائلة رعوئيل فى أحمتا ( العراق و إيران حاليا ً ) .

و قد تعرضت العائلتان للتجارب ، فطوبيا التقى ، يفقد غناه ثم يفقد بصره ، و عندما يشعر بقرب نياحته ، يستدعى إليه أبنه المسمّى طوبيا أيضا ً ، حيث يلقنه قائمة من الوصايا متخذا ً بذلك دور الإشبين ( بالنسبة للمعمّد حاليا ً فى العهد الجديد ) ثم يخبره بأن له وديعة مالية كبيرة ، لدى شخص يعيش فى منطقة راجيس ، و يسلمه الصكّ الخاص بها لإستردادها ، و أما العائلة الثانية فقد جرّبت أبنتها سارة بتجربة قاسية و عجيبة ، إذ تزوجت سبع مرات ، غير أن شيطانا ً يدعى أزموداوس كان يقتل الزوج فى الليلة الأولى للزواج .
و يظهر على ساحة السفر ، الملاك روفائيل ، حيث يقوم بدور ريادى فى الأحداث ، فهو يظهر فى شكل إنسان مستعدّ للسفر ، و يرافق طوبيا الأبن فى رحلته إلى بلاد مديان ، و فى الطريق يساعده فى إصطياد سمكة كبيرة ، استخدم طوبيا قلبها و كبدها فى طرد الشيطان أزموداوس ، و يتزوج بسارة ، و فى أثناء العرس يمضى الملاك روفائيل ليسترد الوديعة المالية ثم يعود الجميع بعد ذلك ( طوبيا و سارة و الملاك ) إلى طوبيا الشيخ حيث يستخدم الأبن مرارة السمكة – كنصيحة الملاك – فى دهن عينى أبيه فيشفى من عماه ، و عندئذ ينتحى الملاك بكل من الأبن و الأب ليعلن لهما عن حقيقته ثم يوصيهما بتدوين ما جرى لهما فى كتاب ، و التحدث بعجائب الله ، و يعيش الجميع بعد ذلك فى سعادة شاكرين الله ، منتظرين خلاصه و عودة إسرائيل من السبى .



2.كاتب السفر
يتضح من ( طو 12 : 6 ، 7 ، 20 ) أن كاتبا السفر ، هما طوبيا الشيخ و طوبيا الأبن معا ً ، حيث يوصيهما الملاك قبل اختفاءه عنهما قائلا ً (بارِكا وعَظِّما آسمَه. أَخبِرا جَميعَ النَّاسِ بِأَعْمالِ اللهِ له ... خَيرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّا أعْمالُ الله فلا بُدَّ مِن كَشْفِها ... فدَوِّنا جَميعَ ما جَرى لَكُما.. ) .

و قد يكون طوبيا الأبن هو الذى أخذ على عاتقه هذه المهمة المقدسة ، لاسيّما و أن نصيبه من المشاركة فى أحداث السفر ، أكبر من نصيب والده الشيخ ، و مع ذلك فإنه من الصعب تحديد إلى آى منهما تنتمى تسمية السفر ، و من هنا يحتمل أن يكون منسوبا ً لكليهما معا .

و يكشف الكاتب فى السفر عن درايته الواسعة للأسفار المقدسة بمجموعاتها الثلاث ( الناموس – الأنبياء – الكتابات )
1 كما تظهر للقارىء محبة كاتب السفر الشديدة لوصايا الناموس ( اللاويين و العدد ) بل و حفظه لها ، فهو إذا يهودى تقى و تقليدى ، و قد كان سفر عاموس هو آخر الأسفار التى اقتبس منها حيث قال في ( طو 2 : 6 ) (فذَكَرتُ الكَلامَ الَّذيتَكلَّمَ بِه عاموسُ النَّبِيُّ على بَيتَ إِيلَ حَيثُ قال: ستُحوَّلُ أَعْيادُكم نَوحاً وجَميعُ أناشيدِكم رِثاءً ) وهذا ما قاله عاموس النبي ( عا 8 : 10 ) (وَأُحَوِّلُ أَعْيَادَكُمْ نَوْحاً وَجَمِيعَ أَغَانِيكُمْ مَرَاثِيَ وَأُصْعِدُ عَلَى كُلِّ الأَحْقَاءِ مِسْحاً وَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ قَرْعَةً وَأَجْعَلُهَا كَمَنَاحَةِ الْوَحِيدِ وَآخِرَهَا يَوْماً مُرّاً! ).
كما يعكس الكاتب فى السفر ، محبته للحكمة و الأدب ، و لا يضيره أن يقتبس من التاريخ و البيئة ، إذ أنه من المعروف أن الله ترك للكاتب ، صياغة الوحى ، حسبما تكون ثقافته و بيئته و مستواه ( فى مختلف المجالات ) و مما لاشك فيه أن الكاتب قصّاص طريف يحب التصوير و التفاصيل ليثرى خيال القارىء و ينقله إلى الواقع ، يحيا فيه معه
2


3.زمان و مكان الكتابة
كتب السفر فى القرن السابع قبل الميلاد ، و بالتحديد بعد خراب نينوى سنة 612 ق.م. بسنوات قليلة ، فقد جرت أحداث السفر ، و ما تزال نينوى قائمة ثم عاصر طوبيا خرابها ، و هو الذى دون السفر كوصية الملاك روفائيل له ، بعد خراب نينوى بقليل ، و قبل نياحته .

و قد حاول بعض النقاد إثبات أن الصفر كًتب خلال القرن الثانى قبل الميلاد، متعللين فى ذلك بوجود بعض الإختلاف فى أسماء المدن و الحكام ، مما يعنى أن الكاتب كان فى تاريخ يبعد كثيرا ً عن الزمن الذى جرت فيه أحداث السفر ، أو أن السفر نفسه مختلق حيث كُتب ككتاب تعليمى فقط ( على حد زعمهم ) .
أما من جهة الأختلاف فى الأسماء و المواضع فقد كان لبعض البلاد أكثر من اسم لاسيما فى اللغات الأخرى ، و كان المُلك كذلك ينسب لأكثر من شخص فى وقت واحد ، كما اكتسب الكثير من الملوك لقباً واحدا ً – ربما لقب جدهم الأكبر – على التوالى و لسنين عديدة ، هذا و قد تعرضت بلاد أشور فى زمن السفر إلى تطورات سياسية سريعة ، من ثورات إلى قتل الملوك لبعضهم البعض .

و يستند بعض أولئك النقاد أيضا ً ، على وجود إشارة فى السفر إلى إستخدام عملة الدراخمة ( الدرهم ) و هى عملة يونانية ترجع إلى زمن الإسكندر الأكبر ( بداية من القرن الرابع قبل الميلاد ) و لكن يجب الإنتباه هنا إلى أن الدرهم هو عملة فارسية فى الأصل و قد ورد ذكره فى سفرى الملوك و سفر عزرا و سفر نحميا ، حيث أعطى نحميا ( الترشاثا ) ألفا من الدرهم مساهمة منه فى العمل ( نح 7 : 70 وَالْبَعْضُ مِنْ رُؤُوسِ الآبَاءِ أَعْطُوا لِلْعَمَلِ. التَّرْشَاثَا أَعْطَى لِلْخَزِينَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الذَّهَبِ وَخَمْسِينَ مِنْضَحَةً وَخَمْسَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ قَمِيصاً لِلْكَهَنَةِ.) ذلك على الرغم من أن السفر يرجع إلى أوائل القرن الرابع قبل الميلاد ، أى قبل ظهور الإسكندر المقدونى . ( راجع التعليق على الإصحاح الخامس ) .

أما العالم ريتشاردسون ، فقد قام بعمل دراسة أثبت فيها أن النسخة الأصلية للسفر ( أى أقدم نسخة موجودة حاليا ً ) ترجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد
3.

إلا أن مخطوطات قمران Qumran ، و التى اشتملت على ثلاثة أجزاء أرامية للسفر ، فقد دلت بذلك على أنه كتب إبان السبي و فى الشتات ، و عندما يتعرض البعض بأن الآرامية كانت مستخدمة فى فلسطين لفترة طويلة بعد السبى ، فإنه يجب الإنتباه إلى أن اليهود اعتادوا على عمل نهرين لكتاباتهم فى تلك الفترة ، أحدهما عبرى و الآخر أرامى ، و هو ما جمع بعد ذلك فى القرن السادس الميلادى فى كتاب معتمد سمى الترجوم Targom ، و لكن مخطوطات قمران كانت بالآرامية فقط ( أي الأجزاء الخاصة بسفر طوبيا )

كذلك فإن الذين يرجحون أن السفر قد كتب فى القرن الثانى قبل الميلاد ، يستندون أيضا ً على وجود بعض الشبه بين بعض آياته ، و بعض آيات أخرى فى سفر يشوع بن سيراخ ، و يرون كذلك أن السفر يمهد لطائفة الفريسيين ، و لكن من الجلّى أن السفر لم يشر إلى الثورة المكابية ( 176 ق.م. ) و لا إلى الفتح المقدونى ، و أما بخصوص طائفة الفريسيين ، فإن كان السفر قد شدّد على التمسك بالوصايا و رفض أطعمة الأمم ، فأن هذين الأمرين قد عالجهما من قبل ، سفر دانيال و الذى جرت أحداثه فى القرن السادس قبل الميلاد ، و أما عن التشابه بين السفر و سفر إبن سيراخ ، فإن الله المعطى الوحى لجميع الأنبياء و الكتاب ، قد عمل فى الكل و ربط بينهم جميعا ً ، و بين الأسفار بذلك الخيط الإلهى القرمزى .

إذا فقد كتب السفر فى القرن السابع قبل الميلاد ، هذا بالنسبة لتاريخ كتابته ، أما عن مكان الكتابة ، فقد كتب السفر فى الشتات Diaspora و بالتحديد فى بلاد ما بين النهرين ( العراق و إيران حاليا ً ) ذلك لتقوية عزائم اليهود الذين بدأوا فى التحلل من الإلتزام بالناموس متعللين فى ذلك ببعدهم عن أورشليم و تعرضهم للإضطهاد و الضغط العقيدى الوثنى ، و لذلك فإن السفر يحضهم على التمسك بالشريعة و دفن الموتى و إقامة الولائم ، و التصدق ، و الصلاة ، كما يشجعهم بأن الله لن يتخلى عنهم ماداموا ملتصقين به .

و قد رجح العلماء ثلاثة أماكن كموطن للنسخة الأصلية للسفر ، فيرى العالم باتريلPautrel أنه كتب فى فلسطين ، بينما يرشح العالم سمسون Simpson مصر كمكان لأول نسخة ، و أما العالم زمري Zinpreman فقد رأى أنه كتب فى سوريا .

فإذا أخذنا فى الأعتبار أن بيئة الكاتب هى الشتات ، فإننا بذلك بذلك نستبعد فلسطين ( باعتبارها الوطن ) و أن مصر فلا يمكن أن تكون هى الوطن الأصلى للسفر ، إذ يرد فى السفر أن الشيطان طرد إلى برية مصر العليا (فرَدَّت رائِحةُ الحوتِ الشَّيطانَ فهَرَبَ فيالجَوِّ إِلى نواحي مِصْر. فمَضى رافائيلُ في إثْرِه وشَكَلَه هُناكَوأَوثَقَه مِن ساعتِه. طو 8 : 3 ) و أما بسبب ترجيح سوريا و على وجه الخصوص إنطاكية ، فهو أن إنطاكية فى العصر السلوقى كانت مركزا ً سياسيا ً و تجاريا ً هاما ً ، و بالتالى فمن المحتمل أن تكون أول رحلة للسفر خارج بلاد ما بين النهرين ، هى إنطاكية ، حيث يظهر هناك أول ما يظهر ، فى المنطقة الجنوبية.

كذلك فقد ظن العالم ميليكMilik أن السفر قد كتب فى السامرة ، و لكن السامرة لم تكن ضمن مناطق الشتات و بالتالى فقد استبعد هذا الرأى ليبقى الرأى الأرجح بأن النسخة الأولى قد كتبت فى أواخر القرن السابع قبل الميلاد فى بلاد ما بين النهرين Misopotamia .




4.لغة السفر و النصوص الأصلية
يصعب الوصول إلى النص الأصلى من خلال ترجمة ! و لكن العلماء فى القرن الماضى ، رشحوا ثلاث لغات كأصل للنص و هى الآرامية و العبرية و اليونانية ، ثم جاءت مخطوطات قمران لترشح الآرامية و العبرية فقط و فى الوقت ذاته تستبعد اليونانية .

و بعد عدة أبحاث قام بها العالم زمري Zimpreman استطاع الوصول إلى أن النسخة اليونانية المأخوذة عن العبرية ترجع إلى أصل أرامى ، هذا و قد تم العثور على أقدم نسخة يونانية للسفر فى ثلاث صور :
أ- النسخة السينائية – CODEX SINATICUS و رمزها ( S )
ب- النسخة الفاتيكانية – CODEX VATICANUS و رمزها (B)
ج- النسخة السكندرية – CODEX ALEXANDIRUS و رمزها ( A)
و هذه الصور الثلاث لها مضمون واحد على الرغم من وجود بعض الأختلافات الطفيفة بينها ، هذا و قد عثر على النسخة الفاتيكانية فى القرن الرابع الميلادى ، و هى عبارة عن نص متوسط فى حجمه ، بالمقارنة مع النسخة السينائية ذات النص الطويل و التى ترجمت إلى اللاتينية قبل القديس جيروم ، و وجدت متفقة إلى حد كبير مع أجزاء التى عثر عليها للسفر فى قمران ، و قد ترجمت مؤخرا إلى العربية بمعرفة الآباء اليسوعيين ، و هى التى استخدمناها هنا فى دراستنا هذه .

و فى مغارات قمران Qumran تم العثور على خمسة أجزاء من السفر أربعة باللغة الآرامية و الخامس باللغة العبرية ، و قد كتب أحد النصوص الآرامية الثلاثة على ورق بردى ، بينما كتبت بقية الأجزاء الآرامية و العبرية على ألواح من الجلد ، هذا و قد وجد أن النصوص الخمسة تتفق مع بقية النصوص الأخرى ( أنظر صفحة 208 ) .

و قد أكدت مخطوطات قمران أن لغة السفر ليست يونانية ، كما أشارت إلى أن النص الطويل هو الأقدم بالنسبة للنصين الآخرين ( B ، A ) و يقول العالم روبيرت ه. بفيفر ROBERT.H PFEIFFER بعد دراسة قام بها ، أنه يرجح أن تكون الآرامية هى لغة السفر
4و يقولكذلك أن سفر طوبيا هو أفضل الأمثلة الباقية للقصة السامية القديمة 5، و أن أوريجانوسو جيروم كانا محقين فى ظنهما بأن النص اليونانى مأخوذ عن النص العبرى من الأصل الآرامى ، و يضيف بأن الرأى القائل بأن السفر يونانى اللغة فى الأصل ، قد تراجع الآن 6.

و مع انتشار نسخ كثيرة للسفر ، دعا البابا داماسوس بطريرك روما فى أواخر القرن الرابع الميلادى إلى تكليف القديس جيروم ( إيرونيموس ) بعمل ترجمة لاتينية شاملة للكتاب المقدس ، حيث قام بنشر هذه الترجمة بمعرفة سكرتيره الخاص ، كما يؤكد هو لإثنين من الأساقفة هما كرومانيوس أسقف أكويلا و هليودورس أسقف ألتينو
7.

و قد نشر الأصل الآرامى بواسطة جامعة أكسفورد و ذلك فى عام 1878 م ، و أما النصوص العبرية فقد نشرت كذلك فى لندن عام 1879 م و ذلك بعدة لغات ، و أما النصوص اللاتينية فقد نشرها القديس جيروم كما سبق .

و بصدد الحديث عن ترجمات السفر المختلفة تجدر الإشارة هنا ، إلى أن عملية الترجمة من لغة سامية كالعبري مثلا ً إلى لغة أخرى غير سامية مثل اليونانى ، لهو أمر فى غاية الصعوبة ، بسبب بعض التعبيرات و المصطلحات الدينية و الفنية المألوفة لليهود أنفسهم دون بقية الشعوب ، مما يضطر المترجم لأن يعبر عن هذا المصطلح أو ذاك بما يوافقه من مفردات لغة هو ، و فى كثير من الأحيان تأتى الكلمة غير مطابقة تماما ً للمعنى الأصلى ، و يلاحظ أيضا ً أن هناك تشابه كبير بين بعض حروف اللغتين العبرية و الآرامية ، مثل :
{ = R } و { = D }
{ = B } و { = K }
{ = O } و { = Nفى آخر الكلمة }
{ = S } و { = SH }
و فى اللغة الآرامية مثل :
{ = B } و { = K }
{ = D } و { = R } و هكذا .


5.سفر طوبيا و العهد الجديد
كانت أفكار السفر راسخة فى بيئة كتاب العهد الجديد ، كذلك فإن المحاور التى يدور حولها السفر واضحة تماما ً فى العهد الجديد ( حياة و كتابات ) مما يؤكد أن السفر كان متداولا ً بين يهود الشتات ، بل و يهود أورشليم أيضا ً ، رغم محاولات بعض الجماعات المتشددة هناك ( فى أورشليم ) طمس معالم السفر و إعتباره ضمن الكتابات ( التى تدنس الأيدى SEFARIM HIZONIM ) و هو تعبير أطلقه حاخامات اليهود على الأسفار غير المعترف بها لديهم ، كذلك – و كما أسلفنا – فأن الروح الذى ألهم الكاتب فى القرن السابع قبل الميلاد ، هو ذات الروح الذى ألهم كتاب العهد الجديد .

و القائمة التالية توضح نقاط التلاقى بين السفر و أسفار العهد الجديد ، مثل الزواج و الصدقة و التقوى و النسك ، كذلك فإن بعض نقاط التلاقى نصية بينما البعض الآخر ضمنية ( أى فى المضمون ) .
الصدقة
سفر طوبياأسفار العهد الجديدتَصَدَّقْ مِن مالِكَ ولا تُحَوِّلْ وَجهَكَ عن فَقير فوَجْهُ اللهِ لا
يُحوَّلُ عنكَ تَصَدَّقْ بِما عِندَكَ
وبِحَسَبِ ما يَتَوفَّرُ لَكَ إِن كانَ
لَكَ كَثير فآبذُلْ كَثيرا وإِن كانَ لكَ
قَليل فآبذُلْ قليلاً ولكِن لا تَخَفْ أَن تَتَصَدَّق

فإِنَّكَ تَذَّخِرُ لَكَ كَنْزاً حَسَناً إِلى يَومِ العَوَر
( طو4 : 7 - 9 )



أَعْطُوا تُعْطَوْا كَيْلاً جَيِّداً مُلَبَّداً مَهْزُوزاً فَائِضاً ً يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ. بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ ( لو 6 : 38 )
ذَا صَنَعْتَ غَدَاءًأَوْ عَشَاءًفَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضاً فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ. بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ الْمَسَاكِينَ: الْجُدْعَ الْعُرْجَ الْعُمْيَ. فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَارِ( لو 14 : 13 ، 14 )
فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ . فَدَعَ تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ قَدْ َلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا وَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا كُلَّ مَعِيشَتِهَا ( مر 12 : 42 - 44 )
بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ.( مت 6 : 20 )
مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ اسَاساً حَسَناً لِلْمُسْتَقْبَِلِ لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. ( 1 تيمو 6 : 19 )
وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجاً وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ ( 1يو 3 : 17 )

كُلُّ ما تَكرَهُه لا تَفعَلْه بِأَحَدٍ مِنَ النَّاس . ( طو 4 : 15 )
فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ .( مت 7 : 12 ) ( لو 6 : 31 )فلا تَخَفْ، يا بُنَىَّ، إِنِ اَفتَقَرْنا. عِندَكَ خَيراتٌ كثيرة، إن كُنتَ تَخافُ اللهَ ووتَهرُبُ مِن كُلِّ خَطيئة و تَصنعُ ما هو صالِحٌ امامَ
الرَّبِّ إِلهِكَ .
( طو 4 : 21 )
أَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ . فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا.
( 1 تيمو 6 : 6 ، 8 )



الحنين إلى اللقاء و الفرحة به

وكانَت كُلَّ يَومٍ تَخرُجُ مُسرِعةً فتُراقِبُ
الطَّريقَ الَّتي ذَهَبَ فيها آبنُها
طو ( 10 : 7 ) ، ( 11 : 5 )
وقامَ طوبيتُ ومَشى متَعَثِّراً وخَرَجَ
مِن بابِ الدَّار وسارَ طوبِيَّا إِلى لِقائِه
( طو 11 : 10 )
وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَ وَقَعَ عَلَى
عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ.
( لو 15 : 20 )




شفاء الأعمى بطريقة تبدو غير منطقية

وسارَ طوبِيَّا إِلى لِقائِه وبِيَدِه مَرارةُ
الحوت ونَفَخَ في عَينَيه وأَمسَكَ
بِه فقالَ لَه تشَجع يا أَبَتِ ثُمَّ طَلى
عَينَيه بِالدَّواءِ وآنتَظَر وجَعَلَ بِكِلْتَي
يَدَيه يُخرِجُ قِشْرَةً من أَطرافِ عَينَيه
فأَلْقى أَبوه بِنَفْسِه على عُنُقِه وبَكى
ثُمَّ قال إِنِّي أَراكَ يا وَلَدي ونورَ عَينَيَّ
( طو 11 : 11 – 14 )
قَالَ هَذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ
وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِيناً وَطَلَى
بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى وَقَالَ لَهُ
إذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ
الَّذِي تَفْسِيرُهُ مُرْسَلٌ فَمَضَى
وَاغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيراً.

( يو 9 : 6 ، 7 )



الملاك يعمل كشفيع
فحينَ كُنتَ تُصَلِّي أَنتَ وسارة . كُنتُ أَنا أَرفعُ ذِكْرَ صَلاتِكُما إِلى حَضرَةِ مَجْدِ الرَّبّ
( طو 12 : 12 )
صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ قد صَعِدَتْ تَذْكَاراً أَمَامَ
اللهِ.
( أع 10 : 4 )
أَنا رافائيل أَحَدُ المَلائِكةِ السَّبعةِ الواقِفينَ والدَّاخِلينَ في حَضرَةِ مَجْدِ الرَّبّ ... أَرسَلَني اللهُ لِأَشفِيَكَ وأُبرِئَ سارةَ كنَّتَكَ
( طو 12 : 15 ، 14 )
أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ
وَأُبَشِّرَكَ بِهَذَا.
( لو 1 : 18 )
وَرَأَيْتُ السَّبْعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ يَقِفُونَ أَمَامَ اللهِ .
( رؤ 8 : 2 )
ها إِنِّي صاعِدٌ إِلى الَّذي أَرسَلَني .
( طو 12 : 20 )
ثُمَّ صَعِدَ وأَمَّا هُمَا فنَهَضا ولم يَعُدْ بِإِمكانِهِما أَن يَرَياه
( طو 12 : 20 ، 21 )
وَأَمَّا
الآنَ فَأَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي
( يو 16 : 5 )
وَلَمَّا قَالَ هَذَا ارْتَفَعَ عنهم وَهُمْ يَنْظُرُونَ
( أع 1 : 9 )




أورشليم الجديدة
سَتُبْنى أَبْوابُ أُورَشَليمَ مِن الياقوتِ و الزُّمُرُّد
وجَميعُ أَسْورِكِ من الحَجَرِ الكَريم. ستُبْنى أَبْراجُ
أُورَشَليمَ مِنَ الذَّهَب وتَحْصيناتُها مِن الذَّهَبِ
الخالِص ستُفرَشُ شَوارِعُ أُورَشَليمَ بِالياقوتِ
الأَحمَرِ وحَجَرِ أُوفير . ( طو 13 : 16 ، 17 )
وَكَانَ بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ وَالْمَدِينَةُ
ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ وَ أَسَاسَاتُ
سُورِ الْمَدِينَةِ مُزَيَّنَةٌ بِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ
.....
ؤ 21 : 18 – 21 )



6.القيمة اللاهوتية للسفر
سفر طوبيا هو سفر خلاصى ، نستطيع أن نلمح ذلك من خلال مطالعتنا له ، فطوبيا الأب يشبه الآب محب الصلاح ، و طوبيا الإبن المولود منه ( و له نفس الإسم ) يشبه الإبن الإقنوم الثانى المولود من الآب و الواحد معه فى الجوهر ، فالآب يرسل إبنه ( طوبيا ) إلى العالم ( راجيس ) ليسترد الوديعة
( الطبيعة الأولى ) من غابليوس ( الغربة ) و طوبيا الأبن ( المسيح ) يتخذ سارة ( الكنيسة ) زوجة له ( الكنيسة هى جسد المسيح و عروسه ) و ذلك بعد أن يدخل مع الشيطان أزموداوس فى حرب
( جبل التجربة ) و يهزمه و يطرده ] إذهب عنى يا شيطان [ و يخلص الكنيسة ] سارة [ من سلطانه و يقيده فى برية مصر العليا
8و فى اليوم الثالث يعلن سلطانه على الموت و الشيطان 9ثم يرجع إلى أبيه ] الصعود [ منتظرا ً سارة مدة سبعة أيام ] مدة حياتنا على الأرض – مازلنا فى اليوم السابع [ لتعود بعد ذلك إلى عريسها فى بيته الذى خرج منه ] السماء [ حيث يبدأ حفل العرس السمائى فى اليوم الثامن ] الأبدية [ .

و نلاحظ أن هناك عدة نقاط هامة فى السفر ، مثل دور الملاك روفائيل الذى يقوم بعمل الخدام
( ملاك = رسول )
10و يشترك مع الله فى خلاص البشرية ( و هو من صميم عمل الخدام ) كما تشير وليمة العرس إلى سر التناول المقدس .

و يعالج السفر عدة موضوعات لاهوتية أخرى ، فهو يقدم الله كخالق ( طو 8 : 5 ، 6 ) (فقامَت وأَخذايُصلِّيانِ فيَبتَهِلانِ لِكَي يُنعَمَ علَيهما بِالخلاص، وشرَعَ يقول: مُبارك أَنتَ، يا إِلهَ آبائِنا ومُباركٌ آسمُكَ إِلى جَميعِالاجْيالِ الآتِيَة! لِتُباركْكَ السَّمَواتُ وجَميعُ خَلائِقِكَأَبَدَ الدُّهور! 6 أَنتَ صَنَعتَ آدم أَنتَصَنَعتَ لَه عَوناً وسَنَذا حَوَّاءَ آمرأَتَه ومِنهُما خَرَجَ الجِنسُالبَشَرِيّ. وأَنتَ قُلتَ: لا يَحسُنُ أَن يَكونَ الإِنسانُ وَحدَهفَلْنَصنَعْ لَه عَوناً يُناسِبُه ) و ملك ( طو 13 : 6 ) (حينَ تَرجِعونَ إِليه من كُلِّ قُلوبِكُم ومِنكُلِّ نُفوسِكُم لِتَعْمَلوا بِالحَقِّ أمامَه عِندَئِذٍ يَرجعُ اليكُمولا يَعودُ يَحجُبُ وَجهَه عَنكُم. والآَن فآعتَبِروا ما صَنَعَإِلَيكُم وسَبِّحوه مِن كُلِّ أَفْواهِكُم. بارِكوا رَبَّ البِرّوأَشيدوا بِمَلِكِ الدُّهور. أَمَّا أَنا فَني أَرْضِ الجَلاءَأُسَبِّحُه وأُخبِرُ أُمَّةَ الخاطِئينَ بِقُوَّته وعَظَمَتِه. إِرْجِعوا، أَيُّها الخاطِئون وآعمَلوا البِرَّ أَمامَه. من يَدْري؟فلَعَلَّه يَرْضى عَنكُم وَيرأَفُ بِكُم ) و معطى الوصايا ( طو 4 : 5 ) (وآذكُرِ الرَّبَّ، يا بُنَيَّ، جَميعَأَيَّامِكَ، ولا تَرْضَ بِأَن تَخطأَ وتَتَعَدَّى وَصاياه. إِعمَلأَعْمالَ البِرِّ جَميعَ أَيَّامِ حَياتِكَ، ولا تَسلُكْ سُبُلَالإِثْم ) و له سلطان الحياة و الموت ( طو 3 : 6، 15 ) (والآنَ فبِحَسَبِ ما يُرْضيكَ عامِلْني ومُرْ أَنتُستَرَدَّ روحي مِنِّي لِكَي أَزولَ مِن وَجْهِ الأَرض فأُصبِحَتُراباً. فالمَوت لي خَيرٌ مِنَ الحَياة لِأَنِّي سَمِعتُ شَتائِمَكاذِبَة وبي غَمٌّ شديد. يا رَبّ، مُرْ أَن أَنجُوَ مِن هذه الشِّدَّة. دَعْني أَمْضي إِلى المُقام الأَبديّ ولا تعرِضْ، يا ربّ، بَوَجْهِكَعنِّي فالمَوت لي خَيرٌ مِن مُشاهَدةِ ضيق شَديدٍ في حَياتي ومِنسَماعي الشَّتائم …... وإِن لم تَشأْ أَن تَقتُلَني، يا رَبّ فآسمع مايُوجَّهُ إِلَيَّ مِنَ الشَّتائِمَ ) وفي (طوبيا 13 : 2 ) (لأَِنَّهيُؤَدَّبُ وَيرحَم يُنزِلُ الى الجَحيمِ إِلى إِسافِلِ الأَرض ويُصعِدُمِنَ الهَلاكِ الجَسيم فما مِن أَحدٍ يُفلِتُ من يَدِه ) يستجيب للذين يدعونه ( طو 3 : 16 ) (فيذلكَ الحينِ آستُجيبَت صَلَوات الِاثْنَينِ أَمامَ مَجدِ الله ) صالح ورحوم و عادل ، و إن كان يسمح بالتجارب لفائدتنا ( طو 3 : 2 ، 3 ) (عادِلٌ أَنتَ، يا ربّ وأَعْمالُككُلُّها عادِلَة وطُرُقُكَ كُلُّها رَحمَةٌ وحَقّ. أَنتَ تَدينُالعالَم. 3 فآذكُرْني الآنَ، يا ربُّ، وآنظُرْإِلَيَّ ولا تُعاقِبْني على خَطاياي ولا على جَهالاتي وجَهالاتِ آبائي. لِأَنَّنا خَطِئْنا إِلَيكَ ) و إله ممجّد ( طو 3 : 16 ) (أَمامَ مَجدِ الله ) تخدمه الملائكة ( طو 12 : 15 ) ( أَنا رافائيل،أَحَدُ المَلائِكةِ السَّبعةِ الواقِفينَ والدَّاخِلينَ في حَضرَةِمَجْدِ الرَب ) كما يعالج السفر موضوعين آخرين هما فكر الحياة الأبدية ( طو 3 : 6 ) و خدمة الملائكة للبشر .

هذا و يلاحظ أن إنجيل القديس يوحنا اللاهوتى ، هو أكثر أسفار العهد الجديد ، تقابلا ً مع سفر طوبيا ، و ذلك على مستوى الفكر اللاهوتى .

و فى السمكة التى إصطادها طوبيا ، رمز للمسيحية كلها ، فقد إتخذ المسيحيون الأوائل ، السمكة كرمز للمسيحية . ( راجع التعليق على الإصحاح السادس ) ففى السمكة وجد طوبيا طعاما ً ، و فيها وجد شفاءا ً لوالده الفاقد البصر ، و فيها أيضا ً القجرة على إخراج الشياطين .

و نلاحظ أيضا ً أن الولائم فى الأفراح اليهودية ، كانت تستمر مدة سبعة أيام ، و أمّا فى سفر طوبيا تستمر أربعة عشر يوما ً ، الأمر الذى لم يتكرر إلا فى تدشين بيت الرب فى عهد سليمان ، (طو 8 : 20 )
(ثمَّ دعا طوبِيَّا فقالَ لَه: طَوالَ أَربَعَةَعَشَرَ يَوماً لا تتحَرَّكُ مِن هُنا، بل تَبْقى لِتأكُلَ وتَشرَبَعِنْدي وتُفرِجَ الغَمَّ عن نَفْسِ آبنَتي.( و في ( 1 مل 3 : 15 ) ( فَاسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ. وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَقَرَّبَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَعَمِلَ وَلِيمَةًلِكُلِّ عَبِيدِهِ.) وأيضا في ( 1مل 8 : 65 ) ( وَعَيَّدَ سُلَيْمَانُ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، جُمْهُورٌ كَبِيرٌ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى وَادِي مِصْرَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَهِنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْماً) مما يغنى أن الإحتفال فى الحالتين هو إحتفال إلهى .

و يرى آخرون
أن ما قام به الملاك روفائيل إنما يرمز لعمل المسيح الذى كان وسيطا ً بيم الله و الناس ، و لإن المسيح قد قبض على الشيطان الذى كان يقتل أرواحنا و لإن السيد الرب هو الذى أنار عيون النفس كما فعل روفائيل مع طوبيا الأب ، و من هنا فقط كان السفر فى العصر الرسولى مطابق جدا ً لعمل المسيح له المجد ، و أحد أركان البشارة الأساسية ، لقوة رموز طوبيا و الملاك لعمل المسيح الخلاصى.

و فى السفر نرى أن الله له شهود فى كل زمان و مكان مهما كانت الظروف المحيطة و الشرور السائدة ، فكما ذكر شهود للرب فى فترة السبى مثل دانيال و الثلاثة فتية ، كذلك طوبيا و سارة و غيرهم فى سبى الشمال .

و يوضح السفر أيضا ً حيل أبليس و هزيمته بعد طول صبر و صلاة نقية من نفس لها رجاء بإلهها .



7.القيمة الليتورجية للسفر
سفر طوبيا ، سفر معبق برائحة نسكية ، تصطبغ تعاليمه بصبغة أورثوذكسية ، و لذلك فإن الكنيسة الملهمة بالروح القدس قد أدخلته فى ليتورجياتها ، حيث رتبت أن يقرأ بكامله فى يوم الجمعة من الأسبوع السادس فى الصوم الكبير ، و ذلك فى إطار التعليم الكتابى الكنسى عن
( إستجابة الله للذين يدعونه ، بخلاص أكيد ) .

وليمة طوبيا و الإفخارستيا :
فى عيد العنصرة ، و كما يقضى الناموس و التقليد أقام طوبيا الأب ( الآب ) وليمة عظيمة فى بيته ، ثم أرسل طوبيا أبنه ( الإبن ) لكى يدعو إلى الوليمة كل مستعد و تقى حتى يكمل الفرح ، إذ لم يشأ طوبيا الأب أن يأكل طعامه حتى يأتى ضيوفه إلى المائدة ، هكذا يصرخ الكاهن فى نهاية القداس
( القدسات للقديسين ) .



الصلاة و الصوم و الصدقة :
كما يأخذ السفر دوره فى الصوم المقدس عموما ً ، فى تعزيز أركان العبادة الثلاثة
( الصلاة و الصوم و الصدقة ) و التى من المحتمل أن تكون مستقاه فكرا ً و نصا من السفر ، إذ وردت فى السفر (الصَّلاةُ معالصَّومِ والصَّدَقةُ مع البِرِّ خَيرٌ مِنَ الغِنى مع الإِثْم،التَّصَدُّقُ خَيرٌ مِنِ آذِّخارِ الذَّهَب طو 12 : 8 ) و قد ركز كثير من قديسى الكنيسة الأول مثل يوحنا ذهبى الفم و القديس أغسطينوس على الصدقة و رحمة المساكين ، فى عظاتهم كثيرا ً ، معتمدين أيضا ً على ما ورد فى السفر (لِأَنَّالصَّدَقَةَ تُنقِذُ مِنَ المَوت ولا تَدَعُ النَّفْسَ تَصيرُ إِلىالظُّلمَْة طو 4 : 10 ، 12 : 9 الصَّدَقةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت وهي تُطَهِّرُ مِن كُلِّ خَطيئة. الَّذينَ يَتَصَدَّقونَ يَشبَعونَ مِنَ الحَياة ) .



سر الزواج :
كذلك فقد كان للسفر أثرا ً كبيرا فى طقوس الزواج فى الكنيسة ، فإلى وقت قريب كان والد العروس يأخذها من يدها و يسير بها داخل الكنيسة حتى يصل إلى مكان عقد الإكليل حيث يسلمها للعريس ، هذا ما صنعه رعوئيل والد سارة ، حيث أخذها من يدها اليمنى و سلمها ليمين طوبيا ( راجع طو 7 : 12) ( ثُمَّ دَعا رَعوئيلُ سارةَ آبْنَتَه، فأَتَتإِلَيه، فأَخَذَها بِيَدِها وسلَّمَها إِلَيه وقال: إِقْبَلْها، فهيتُزَفُّ إِلَيكَ آمرأَةً بِحَسَبِ الشَّريعة وبِحَسَبِ الحُكْمِالوارِدِ في كِتابِ موسى. خُذْها وعُدْ إِلى أَبيكَ سالِماً. أَوصَلَكمإِلهُ السَّماءَ بِسَلام ) كما وردت فى السفر أول إشارة إلى إستخدام صحيفة ( عقد ) الزواج ، و هو الأمر المعمول به إلى اليوم لدى جميع الكنائس و الشعوب ( طو 7 : 13 ) (!ثُم دَعاأُمَّها وطَلَبَ إِلَيها أَن تأتِيَ بِصَحيفة وكتَبَ فيها عَقدَالزَّواج، زافّاً إِيَّاها آمرأَةً لَه بِحَسَبِ حُكْمِ شَريعةِ موسى
).


كما نلاحظ أن طوبيا و سارة يتفرغان للصلاة و الصوم مدة ثلاثة أيام ، بعد مراسم الزواج و قبل الإحتفال بهما ، و هو الأمر الذى كان متبعا فى الكنيسة الأولى ، حيث يتم طقس سر الزواج بين رفع بخور باكر و القداس الإلهى و عندها يتناول العروسان من السرائر المقدسة ثم يتفرغان للعبادة ثلاثة أيام .
و قد بدأ هذا الطقس فى إتخاذ موقعه فى الكنيسة اليوم ، حيث يشجع الآباء على إتمام مراسم الزواج باكر يوم الأحد عقب بخور باكر ، ثم يتناول العروسان من الأسرار المقدسة قبل خروجهما من الكنيسة و الإحتفال مع الأهل و الأصدقاء بزواجهما .

الدهن بالزيت :

يرد فى طقس صلوات الإكليل ، أن الكاهن يصلى على الزيت ، ثم يرشم العريس و العروس قائلا ً
( ليبطل هذا الدهن الشياطين ، هذا الدهن قبالة الأرواح الرديئة ، هذا دهن الأرواح المقدسة ، هذا الدهن قبالة مقاومة الأرواح النجسة ، بيسوع المسيح ملك المجد .... إلخ ) و فى هذه الصلاة إشارة إلى الروح الردىء المذكور فى قصة زواج طوبيا بسارة .
و يقول أيضا ً هذه الصلاة ( أستر عبديك ... ... و احفظ مضجعهما نقيا ً ، حصنهما بملائكتك الأطهار .. إلخ ) و فيها إشارة إلى دور الملاك روفائيل فى قصة الزواج هذه ( راجع كتاب مجموع صلوات الكنيسة للأفراح و الأتراح ، للقمص عبد المسيح سليمان سنة 1943 م ص 47 : 52 ) .


المعمودية :

[color:a778=yellow
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مونيكا
المدير العام
المدير العام
مونيكا


عدد المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 02/07/2010

تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام    تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام  I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 18, 2010 1:45 am

9.قانونية السفر
فى مجمع يمنيا JAMNIA و الذى عقد سنة 90 م ، قام اليهود مرة أخرى بتحديد الأسفار القانونية للعهد القديم ، حيث إستبعدوا مجموعة من الأسفار المسماه ( بطريق الخطأ ) الأسفار القانونية الثانية ، بما فيها سفر طوبيا ، من قائمة كتبهم المقدسة رغم إنتشاره فى ذلك الوقت و كان السبب فى إعادة تحديد كتبهم المقدسة هو إعتبارهم أن المسيحية قد خرجت عن الإطار اليهودى و من المحتمل بذلك أن تضيف بعض الأسفار السابقة .

أما عن السبب فى رفضهم سفر طوبيا بالتحديد ، فإنه يحتمل جدا أن اليهود فى الجنوب ( أورشليم ) قد رفضوا أى شىء قادم من مملكة الشمال بإعتباره فاسدا ً دينيا ً و لا يصلح . لإعتبارهم أن المملكة الشمالية قد دخلت عليها تأثيرات وثنية كثيرة كعجلى الذهب اللذان وضعهما يربعام بن نباط فى دان و بيت إيل ، و تعيينه كهنة من غير سبط لاوى ، و غيره من الملوك ( مثل آخاب ) و الذين ساعدوا بقوة على طمث الهوية الدينية اليهودية و محاولة صبغها بالصبغة الوثنية لأغراض سياسية و شخصية ،
و هم بذلك نظروا إلى سفر طوبيا نظرة لا تخلو من الشك و التحفظ ، و لعل هذا ما يبرر عدم ضمه إلى بقية الأسفار رغم وجوده أيام عزرا الكاهن .
13

و من بين الأسباب التى دعت اليهود أيضا ً إلى إعادة تحديد الأسفار فى مجمع يمنيا هو أنهم كانوا على مشارف فترة شتات طويلة سوف تتجاوز العشرين قرنا ً ! و من هنا يصبح من الضرورى لديهم تحديد الأسفار التى ستقرأ فى مجامع الشتات .

و بتعبير آخر نستطيع أن نقول أنهم وضعوا هذه الأسفار ( طوبيا و يهوديت ... ) مع الأسفار و التعاليم المسيحية ( فى سلة واحدة ) لجعلها أسفارا ً ( تدنس الأيدى SEFARIM HIZONIM )
و هو تعبير الذى أصطلح عليه للدلالة على الكتب المرفوضة ( كما إستخدمه التلمود ) .
و لكن فى مجمع يمنيا الذى تم فيه الحكم بالتصويت ، لم يكن معصوما ً من الخطأ ، أما أباء و معلمى الكنيسة الأولى ، فقد إعتبروها أسفارا ً لها نفس أهمية و مصداقية الأسفار الأخرى ، فى الوقت الذى رفضوا فيه أكثر من ثلاثين سفرا ً ، إعتبروها كتبا ً تاريخية أو أدبية ، لا ترقى إلى مستوى الأسفار التى نحن بصددها .
14

و قد رفضت الكنيسة أيضا ً المصطلحات ، التى ظهرت للتعبير عن هذه السفار التى قبلتها ككتب موحى بها ( مثل طوبيا ) .
و من هذه المصطلحات :
*APOCRYPHA أبوكريفا، لإنه تعبير أصبح يطلق على الكتابات التى تحوى الأساطير و التعاليم المشكوك فى صحتها و نسبتها.
*PSEUDEPIGRAPHAبسودبجرافا، و الذى يعنى الأعمال الكاذبة.
*DEUTEROCANONICSLأى الأسفار القانونية الثانية ( ديتروكانونيكال )
15إذ تعتبرها الكنيسة ( أى الأسفار التى نحن بصددها ) أسفارا ً فى نفس مستوى و أهمية الأسفار الأخرى . و هذه الأسفار هى :
1.سفر طوبيا ( موضوع دراستنا ) .
2.سفر يهوديت .
3.تتمة سفر أستير .
4.سفر الحكمة .
5.سفر يشوع بن سيراخ .
6.تتمة سفر دانيال .
7.سفر نبوة باروخ .
8.سفر المكابيين الأول .
9.سفر المكابيين الثانى .
إضافة إلى :
*المزمور المائة و الواحد و الخمسين .
*صلاة منسى الملك .

أما يهود الشتات فقد إستخدموا هذه الأسفار فى عبادتهم ، نظرا ً لإتساع أفقهم اللاهوتى ، بالنسبة لنظرائهم فى فلسطين ، بل أن جماعة الآسينيين ESSENS و التى سكنت بجوار البحر الميت فى فلسطين كانت تستخدم هذه الأسفار ، حيث عثر فى سنة 1947 م فى كهوف قمران QUMRAN على خمسة أجزاء من سفر طوبيا و بعض من سفر يشوع بن سيراخ .

و قد أشار العالم إسفلدت EISSFALDT فى طبعته الثانية لكتابه AINLATLUNG سنة 1956 م ، أن إكتشافات قمران أثبتت أن المجتمع الأسينى فى قمران ، عرف مجموع كتابات تتفق مغ القانون اليونانى المعمول به لدى يهود الشتات و المأخوذ عن السبعينية .
و على الرغم من أن اليهود يزعمون أن الوحى قد توقف منذ عصر أرتحتشتا ، فى القرن الرابع قبل الميلاد ( كما ورد فى تاريخ يوسيفوس ) فإننا نقرأ فى (2 مكا 2 : 14 ) (و كذلك جمع يهوذا كل ما ضاع منا من الكتب في الحرب الأخيرة ، و هذه الكتب في حوزتنا ألان.) أن يهوذا المكابى قام بجمع بعض الكتب و الأسفار و المخطوطات و قد حدث ذلك فى سنة 163 قبل الميلاد ، مما يدل على أنه كانت هناك أسفار لم تدرج بعد ، عثر عليها بعد عصر عزرا .

فعندما قام عزرا الكاتب بجمع الأسفار المقدسة ، لم يعثر عليها جميعا ً بسبب ظروف الشتات ، كما أن بعض من هذه الأسفار التى نحن بصددها ( مثل يشوع بن سيراخ و المكابيين ) قد كتبت بعد عصر عزرا ، و قد فقد كثير من الأسفار الأخرى التى أشار إليها الكتاب المقدس مثل سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا و إسرائيل و سفر ياشر و سفر حروب الرب و سفر عدو النبى .

و من هنا فإن الترجمة السبعينية تعد عملا ً عظيما ً ، و علميا ً ، و متمم لما قام به عزرا الكاتب ، إذ أنه من المؤكد أن علماء اليهود الذين أوكل إليهم بطليموس فيلادلفوس هذا العمل كانوا موضع ثقة و على دراية كبيرة بالأسفار و الظروف المختلفة التى حولها ، و كان عملهم هذا بتدبير من الله
16 . (أنظر صفحة 106).

و قد ظلت الكنيسة منذ البداية و بعد أن دون السفر كجزء من الكتاب المقدس و ذلك قبل سنة 240
17متيقظة لأية محاولات تنال من هذه الأسفار ، على مر السنين ، و لعل أول صفة قانونية مجمعية توهب لهذه الأسفار كانت فى مجمع نيقية المنعقد سنة 325 م حسبما صرح بذلك القديس جيروم ، الذى يقول : أن إعتراف هذا المجمع با ، قد قضى على أى شك لديه من ناحيتها .

و قد تصدت الكنيسة الأولى تلك المحاولات ، فى مجمع هيبو HIPPO الذى عقد سنة 393 م و الذى حضره القديس أغسطينوس ، أعقبه مجمع قرطاجنة الأول سنة 397 م ثم الثانى سنة 419 م .

ثم قامت الكنيسة الرومانية بعد ذلك بإعتماد ترجمة القديس جيروم – بعد هذين المجمعين – و أعطتها إسم الفولجاتا VOLGATE أى الشعبية ، معتبرة جميع الأسفار – بما فيها الأسفار موضوع دراستنا – ذات صيغة قانونية واحدة ، دون تمييز .

و بفضل معلمى و آباء الكنيسة الأول ، ضم سفر طوبيا مع بقية الأسفار ضمن مجلد واحد و فى عدة لغات ، متخذة هذه الأسفار ترتيبها بين بقية أسفار العهد القديم ، و ظلت تحظى بالشريعة حتى القرن الرابع عشر ، حين قام العالم المسيحى ( من أبوين يهوديين ) نيقولاوس الليرالى NICHOLUS OF LYRA ( مات سنة 1340 م ) . بعمل طبعة للكتاب المقدس ، وضع فيها هذه الأسفار فى ملحق منفصل ، فى آخر العهد القديم ، هى طبعة WYCLIFFE OF BIBLE سنة 1340 م ، و تعد هذه هى المرة الأولى التى تفصل فيها هذه الأسفار هكذا .

و قد كان لهذا العالم و طبعته هذه ، الأثر المباشر و الرئيسى على مارتن لوثر ، مؤسس حركة الإصلاح، و الذى قام بالتعاون مع العالم الألمانى كارل ستار KARL STAR بعمل ترجمة للكتاب المقدس سنة 1534 م حيث قام بفصلها أيضا ً عن العهد القديم مطلقين عليها إصطلاح ( نافعة للقراءة ) و أسموها أبوكريفا ، ظلما ً .

و منذ ذلك الحين و بدأت تظهر طبعة للملك جيمس للكتاب المقدس K.J.V. ، أحيانا ً بدون هذه الأسفار
، حتى أعلنت جمعية الكتاب المقدس فى بريطانيا بعد مناقشة حادة سنة 1847 م بخصوص هذه الأسفار ، بأنها سوف تحذفها من طبعاتها ، ليس كذلك فحسب و إنما إمتنعت أيضا ًعن مساعدة الجمعيات الأوربية التى تصدر الكتاب المقدس متضمنا ً هذه الأسفار ، و هكذا تدخلت إقتصاديات الطباعة أيضا ً فى حذفها !! .

أما الكاردينال كاجيتان CAJETAN ، و هو الخصم الأكبر لمارتن لوثر
18فقد صرح قائلا ً :
{ إن الكتب التى كانت معدودة عند جيروم ، قانونية ، يجب أن نعتبرها قانونية ، و التى كانت محسوبة عنده غير قانونية ، ينبغى أن نرفضها } ثم أضاف ] إن الكنيسة مديونة لهذا الأب لأجل تمييزه للأسفار القانونية من غيرها [ .

و أمّا ردّ الفعل المباشر للكنيسة الرومانية تجاه موقف لوثر ، فهو عقد مجمع ترنت TRENT
( جمعية الثالوث ) و ذلك فى سنة 1546 م ، حيث أعلنت فيه ( إن كل من لا يعترف بقانونية هذه الأسفار فليكن أناثيما { محروما ً } ) مستندين فى ذلك أيضا ً على مجمع فلورنسا الذى عقد سنة 1439م و الذى أيد هذه الأسفار و حرم كل من يرفضها ، ثم تمّ تعضيد قرارات هذا المجمع ( ترنت ) فى مجمع الفاتيكان الذى عقد سنة 1870 م .

أمّا فى مصر فقد كانت الكنيسة بمنأى عن هذه الصراعات ، و لم تدخل طرفا ً فيها ، نظرا ً لقناعتها بهذه الأسفار ضمن قائمة الكتب القانونية و ذلك فى قوانين الشيخ الصفى بن العسال ، و كذلك فى قوانين العلامة شمس الرياسة أبو البركات و المعروف بإبن كبر .
19

و أما فى القسطنطينية فقد عقد مجمع ، كملت أعماله فى ( ياش ) سنة 1642 م أيّد فيه قرارت المجامع السابقة على تاريخه ، و أقّر قانونية هذه الأسفار ، و كذلك الكنيسة اليونانية إتخذت نفس الموقف فى مجمع عقده البطريرك دوسيتاوس سنة 1672 م فى أورشليم ، و فى الهند قام العالم الكاهن ( الكانن سل ) بتشجيع الكنيسة هناك على الإهتمام بهذه الأسفار و دراستها .

و فى القرن العشرين ،و منذ أن نشر العالم . كارلس R.H.CHARLES كتابه APOCRYPHA & PSEUDAPIGRAPHA فى سنة 1913 م و تزايدت الرغبة فى دراسة هذه الأسفار لإعطائها نصيبها من الشريعة كبقية الأسفار ، كذلك فقد قوى هذه الرغبة ، ما ورد فى طبعة جود سبيد E.J.GOODSPEED للكتاب المقدس حيث جاء فيه ( أننا لا نستطيع أن نقبل الكتاب المقدس كمرجع للدراسات الثقافية و الفنية و الأدبية و التاريخية و الروحية ، بدون هذه الأسفار ) .
كما يجب ألا ننسى و نحن فى هذا الصدد ، أن نشير إلى الدور البارز الذى قام به المجلس القومى للكنائس NATIONAL COUNCIL OF CHURCHS ، إذ نشر مخطوطات قمران ، مما شجع مجلس الكنائس الأمريكية على تكوين لجنة من علماء الكتاب المقدس لإعداد ترجمة جديدة صدرت سنة 1957 م و تم ضمها إلى طبعة R.S.V ، كما توجد حاليا ً منظمة دولية و هى INTERNATIONAL ORGANIZATION FOR SEPTUAGINT & COGNOTE STUDIES و ذلك لدراسة هذه الأسفار و نشر نتائجها أولا ً بأول .

و أخيرا ً فقد قامت دار الكتاب المقدس فى مصر ( و للمرة الأولى ) بعمل طبعة جديدة للكتاب المقدس بعهديه تتضمن هذه الأسفار ( مجتمعة فى نهاية العهد القديم ) مترجمة عن النص اليونانى .

و فيما يلى قائمة بأسماء بعض القديسين الذين إقتبسوا من سفر طوبيا فى تعاليمهم و كتاباتهم :

القديسولدتنيجVالقديس كليمندس الرومانى ، تلميذ بولس الرسول – فى رسالته الثانية إلى أهل كورنثوستنيح ما بين 90 – 100 م .Vالقديس بوليكاربوس أسقف سميرنا – تلميذ القديس يوحنا الحبيب – فى رسالته إلى فيليبىولد فى 70 م و تنيح ما بين 155 – 160 م Vالقديس كليمندس السكندرى – فى كتابه ( المربى) ولد فى سنة 155 م و تنيح سنة 220 م . Vالقديس يوسابيوس القيصرى – فى كتابه تاريخ الكنيسة ولد فى سنة 265 م و تنيح سنة 339 م . Vالعلامة أوريجانوس – فى كتابه ( الصلاة )تنيح سنة 254 م .Vالقديس أثناسيوس الرسولى – فى دفاعه ضد الأريوسيين .ولد فى سنة 296 م و تنيح سنة 373 م . Vالقديس ديوناسيوس الرومانى – فى الرد أتباع سابليوس . و تنيح سنة 369 م .Vالقديس ديديموس الضرير – فى كتابه الثالوث .ولد ما بين 309- 314 م و تنيح سنة 398 م .Vالقديس كبريانوس ( حيث يصف السفر بأنه الموحى به من الله ) .Vالقديس إيرونيموس ( جيروم ) حيث قام بترجمة السفر على الآرامية .ولد فى سنة 245 مو تنيح سنة 419 م .Vالقديس أغسطينوس – فى الرد على البلاجية ، و الموعظة على الجبل ،و مدينة الله و شرح إنجيل يوحنا .ولد فى سنة 354 مو تنيح سنة 430 م .Vالقديس ديوناسيوس السكندرى – فى رسالته العاشرة و تنيح سنة 454 م
و من آباء الكنيسة اللاتينية :
Vالبابا ليون الكبير – فى كتابه ( الرعاية )ولد سنة 540 م .Vالبابا كليستوس بابا روما – فى كتاب له عن التعامل مع الآخرين .إضافة إلى مجموعة قوانين الآباء الرسل ( المجموعة الثانية ) القانون 55 ، و مجموعة تعاليم الآباء الرسل .


10.الشبهات والإعتراضات على السفر و مناقشتها
1.أولا : السفر و الميثالوجيا ( الأساطير ) :
حاول بعض العلماء و النقاد فى دراستهم النقدية للكتاب المقدس ، لاسيّما العالم إرنست رينان E.RENAN، الربط بين سفر طوبيا من جهة و بعض الأساطير التى إنتشرت فى القرن الخامس قبل الميلاد من جهة أخرى ، و التى ظهرت فى منطقة الشرق الأدنى ، و من بين تلك الأساطير :

أ- قصة رجل قام بدفن جثة ميت ، متكلفا ً بذلك مبلغا ً طائلا ً من المال ، ثم قام شبح الرجل الميت بإرشاد الرجل فى العثور على كنز كبير ، و قد أطلق على هذه الأسطورة إسم الميت الشاكر GRATEFUL DEAD .


ب- قصة العروس التى كان التنين يقتل أزواجها ، حتى جاء البطل برفقة صديق آخر يتبعهما كلب ، و قام بذبح التنين ، و قد أطلق على هذه الأسطورة إسم العروس الخطرة DANGEROUS BRIDE ، و عروس الوحش BRIDE OF TH MANOTER ، و المرأة المفتدية REUSOMED WOMEN ، و قد عثر عليها فى مؤلف يونانى شهير يرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد .
ج- أسطورة تروى عن شخص إسمه سيمونيدس SIMONIDES
، أنهبعدما قام بدفن جثة رجل مجهول ، حذره شبح الرجل الميت ألاّ يبحر على أية سفينة خوفا ً من هلاكه غرقا ً ، قد إتبع سيمونيدوس النصيحة بالفعل عند أسفاره ، بينما مات جميع الذين إستقلوا السفينة .

د- و قد ظهرت قصة أرمنية حديثة ، عبارة عن تجميع للقصص السابقة ، حيث تروى أن رجلا ً رأى جثة يعذبّها دافنوها بسبب دين كان على صاحبها ، فدفع هو هذا الدين ثم دفنها بإكرام ، و بعد ذلك أصبح هو ذاته فقيرا ً ، و فكر فى التزوج من عذراء غنية ، كانت قد تزوجت بخمسة رجال من قبل و لكنهم ماتوا فى ليلة الزفاف ، ثم جاء إليه رجل مجهول و عرض عليه أن يكون خادمه مقابل نصف الثروة التى سوف يحصل عليها فى المستقبل ، و نصحه بالتزوج من البتول ، و فى ليلة الزواج قطع الخادم رأس التنين الخارج من فم العروس ، كما أجبر تنينا آخر على الخروج منها بعد أن هددها بشطرها إلى نصفين ، ثم أعلن الخادم للرجل أنه روح الرجل الميت الذى أكرم هو جثته ، ثم إختفى بعد ذلك عنه ، و قد أطلق على هذه الأسطورة لقب الميت الشاكر ، أيضا ً .


ه – و بعد ذلك ظهرت إضافة لهذه الأسطورة و ذلك بالقلاب من ADRIANOPLE حيث ورد أن المرافق بعد أن قطع رأس التنين الهارج من المرأة ، طلب نصف المرأة ، فلما أخذ سيفه ليشطرها نصفين ، صرخت المرأة و تقيأت التنين الثانى .
20


و- كذلك حاول البعض الربط بين قصة أخيكار الحكيم و سفر طوبيا ، و قد ظهرت هذه القصة فى مؤلف يونانى خلال القرن السابع قبل الميلاد أيضا ً ، حيث يرد أخيكار كوزير للملكين سنحاريب و أسرحدون على التوالى ، و قد تبنى إبن أخيه ناداب بالإرشاد و النصح ، فلما كبر أشركه معه فى الحكم ، و لكن ناداب مالبث أن إنقلب عليه و تسبب فى سجنه ، غير أن السّجان و هو من تلاميذ أخيكار ، سهل له الهرب من السجن ، فلمّا تغيرت الظروف السياسية ، عاد أخيكار إلى وظيفته معاتبا ً إبن أخيه بسلسلة من النصائح و الحكم قبل أن يودعه هو نفسه فى السجن ، حيث بقى فيه حتى مات .
ز- كما إدعى البعض أن TRACTATE OF KHONS المصرى ، ربما كان فى فكر طوبيا عندما كتب السفر ، حيث يحكى قصة أميرة ، إمتلكت بواسطة شيطان ، طرد عن طريق تدخل ( خونس ) KHONS إله طيبة
21 .



الرد على هذه الإعتراضات :
كثيرا ً ما يجد النقاد ، فى الأساطير القديمة ، سلاحا ً للطعن فى سلامة الأسفار و صحة الوحى بها ، و لكن الأساطير لا تستطيع أن تقوم كدليل قاطع فى نفى صحة الأسفار ، إذ يعتبرها المعتدلون مجرد إحتمالات ، و معروف أن الدليل إذا تطرق إليه الإحتمال ، سقط به الإستدلال ، فقط جاءت تلك الأساطير عبارة عن قصص مبتورة ، بحيث أن أوجه الشبه بينها و بين فقرات من السفر ، ضعيفة و هزيلة للغاية ، كذلك فإن المزج بينها جميعا ً لتكون ملحمة أسطورية كاملة ، كما أوردناها ، قد جاء فى وقت متأخر ، بحيث كان السفر قد أخذ مكانته بين يهود الشتات .
22

فقد كتب السفر فى أواخر القرن السابع قبل الميلاد ، و لا مانع من أن يقتبس بعض الشعراء و القصاصين ، من الكتب المقدسة ، و يستوحون منها فى ملامحهم و يتأثرون بها فى أعمالهم ، حيث أن ذلك قد حدث كثيرا ً ، عندما تحولت الكثير من قصص الكتاب المقدس إلى أعمال أدبية ، قدم بعضها على المسرح الأوروبى فى القرون الوسطى ] مثل سفر يهوديت [ .

أما إذا إعتبرنا جدلا ً ، أن الكاتب الإنجيلى قد تأثر بالبيئة ، فهذا أمر لا خلاف عليه ، إذ أنه من الثابت أن الله يترك صياغة الوحى ، إلى شخصية الكاتب ، حسبما تكون ثقافته و ظروفه المختلفة ، و يظهر ذلك فى تنوع أشكال الأسفار الإلهية ، مابين بسيطة و أدبية ، و شعرية و فلسفية ، غير أن تأثر سفر طوبيا بالبيئة ، يظهر فقط فى إستعارته لبعض المصطلحات السامية مثلما ورد فى ] طو 1 : 11 ، 6 : 15 - طَعامِ الأُمَم ، فأَخْشى أَن أَموتَ فأُنزِلَ إِلى القَبرِ حَياةَ أَبي وأُمِّي غَمّاً علَيَّ ( إنزل الشيبة بحزن إلى الجحيم ) [ .

و عندما قال أنه قد وجد بعض التشابه بين مقولات أخناتون الملك المصرى و بعض قطع من المزامير ، أو بين شكل خيمة الإجتماع و المعابد الفرعونية فى صعيد مصر ، أو أن فكرة الختان كان لها صدى فى مصر ، فإنه من الثابت أن ذلك كان بتدبير من الله لإعداد الذهن البشرى ( فى كل مكان ) لفكرة الفداء و مجىء المخلص و تكوين خلفية للعهد الجديد .

و إضافة إلى ما سبق ، فقد ورد فى بستان الرهبان ، و الذى ترجع الحوادث الموجودة فيه إلى القرن الثالث و الرابع و الخامس الميلادى ، قصتين يظهر فيهما بوضوح أن الإهتمام بجثث الموتى و الإحسان إليها و كذلك عمل الرحمة ، هى وصايا إلهية مستقاه من سفر طوبيا الموحى به من الله .
23

ثانيا ً : بقية الإعتراضات :
2.يذكر السفر أن سبط منسى ، قد سبى فى عهد شلمناصر (فيأَيَّامِ شَلْمَنآسَر، مَلِكِ أَشُّور، جُلِيَ مِن تِشْبَةَ في جَنوبِقادَشَ نَفْتالي في الجَليلِ الأَعْلى فَوقَ حاصور وَراءَ شَمسِالغُروبِ وإِلى شَمالِ صَفَت طو 1 : 2 ) فى حين أن الذى سبى سبط منسى هو تجلث فلاسر أبوه (2 مل 15 : 29 )(فِي أَيَّامِ فَقْحٍ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادِشَ وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي، وَسَبَاهُمْ إِلَى أَشُّورَ).الرد

تجلث
فلاسر سبى بعض من الأسباط العشرة فى عهد فقح بن رمليا ، ثم أكمل السبى فى عهد شلمناصر ، فى أيام هوشع ، و قد نسب البعض السبى فى المرتين إلى شلمناصر لشهرته ب( قاهر الملوك ) و ذلك لإنه الملك الذى تفاعل أكثر مع أحداث السفر .



3.ذكر فى السفر أن سبط منسى ، إنفصل عن إسرائيل الأم ، بينما كان طوبيا لا يزال شابا
(لَمَّا كُنتُ فيبِلادي في أَرضِ إِسْرائيل وكُنتُ شابّاً، اِنفَصَلَ كُلُّ سِبْطِنَفْتالي جَدِّي عن بَيتِ داوُدَ وعن أُورَشَليم، المَدينةِالمُخْتارةِ مِن بَينِ جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ لِتَكون مَكانَذَبائِحِهم، وحَيثُ قُدِّسَ هَيكَلُ سُكْنى الله وبُنِيَ لِجَميعِالأَجْيال طو 1 : 4 ) بينما تم هذا الإنفصال عام 930 م ، فى عهد يربعام و رحبعام .
الرد

المقصود بالإنفصال هنا هو السبى و البعد عن أورشليم الأم .

4.ورد فى السفر أن سنحاريب هو إبن و خليفة شلمناصر ، فى حين أن سرجون الثانى( 722 – 705 ق.م. ) هو الذى خلف شلمناصر .
الرد
السفر يركز على الملوك الذين أوقعوا الضرر و السوء باليهود ، بينما لم يذكر الملوك الذين لم يفعلوا شيئا ً ذا بال لليهود (ولَمَّا ماتَ شَلْمَنآسَر ومَلَكَ سَنْحاريبُابنُه مَكانَه فأُغلِقَت طُرُقُ ميدِيا، لم أَعُدْ أَستَطيعُ الذَّهابَإلَيها. طو 1 : 15 ) ، و هو ما تكرر فى إنجيل القديس متى ، إذ تجاوز فى سرده لسلسلة أنساب المسيح عدة ملوك ، حيث ورد فى (وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. مت 1 : 8 ) أن يورام ولد عزّيّا و الحقيقة أن يورام ولد أخزيا ، و أخزيا ولد يوآش ، و يوآش ولد أمصيا ، و أمصيا ولد يورام ( كما ورد فى فَقَالَ حَزَائِيلُ: لِمَاذَا يَبْكِي سَيِّدِي؟ فَقَالَ: لأَنِّي عَلِمْتُ مَا سَتَفْعَلُهُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّكَ تُطْلِقُ النَّارَ فِي حُصُونِهِمْ وَتَقْتُلُ شُبَّانَهُمْ بِالسَّيْفِ وَتُحَطِّمُ أَطْفَالَهُمْ وَتَشُقُّ حَوَامِلَهُمْ. فَقَالَ حَزَائِيلُ: وَمَنْ هُوَ عَبْدُكَ الْكَلْبُ حَتَّى يَفْعَلَ هَذَا الأَمْرَ الْعَظِيمَ؟ فَقَالَ أَلِيشَعُ: قَدْ أَرَانِي الرَّبُّ إِيَّاكَ مَلِكاًعَلَى أَرَامَ. فَانْطَلَقَ مِنْ عِنْدِ أَلِيشَعَ وَدَخَلَ إِلَى سَيِّدِهِ فَسَأَلَهُ: مَاذَا قَالَ لَكَ أَلِيشَعُ؟ فَقَالَ: قَالَ لِي إِنَّكَ تَحْيَا.{ 2 مل 8 : 12 ، 14 } ، { 2 أخ 22 : 24 ، 25 } ) ربما لكى يحافظ على سلسلة الأمساب 14 جيلا ً لا أكثر و لا أقل ، و ربما لإن أولئك الملوك كانوا من أصل وثنى (وَكَأَنَّهُ كَانَ أَمْراًزَهِيداًسُلُوكُهُ فِي خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ حَتَّى اتَّخَذَ إِيزَابَلَ ابْنَةَ أَثْبَعَلَ مَلِكِ الصَّيْدُونِيِّينَ امْرَأَةً، وَعَبَدَ الْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ. 1 مل 16 : 31 ) .
24
كذلك فإن كثيرا ً ما ورد فى الكتاب المقدس ، شخصا ً ينسب إلى جده بإعتباره والده ، مثل يكنيا الذى ينسب ليوشيا بإعتباره أبوه (وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. مت 1 : 11 ) فى حين يرد فى (وَبَنُو يُوشِيَّا: الْبِكْرُ يُوحَانَانُ، الثَّانِي يَهُويَاقِيمُ، الثَّالِثُ صِدْقِيَّا، الرَّابِعُ شَلُّومُ. وَابْنَا يَهُويَاقِيمَ: يَكُنْيَا وَصِدْقِيَّا.1 أخ 3 : 15 ، 16 ) أن يكنيا هو إبن أبن يوشيا ، و كذلك فقد دعى آخزيا إبنا ً ليهوشافاط و الحقيقة أنه إبن إبنه (وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضاًعَنْهُ لأَنَّ جَمِيعَ الأَوَّلِينَ قَتَلَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ الْعَرَبِ إِلَى الْمَحَلَّةِ. فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا. وَطَلَبَ أَخَزْيَا فَأَمْسَكُوهُ وَهُوَ مُخْتَبِئٌ فِي السَّامِرَةِ وَأَتُوا بِهِ إِلَى يَاهُو وَقَتَلُوهُ وَدَفَنُوهُ لأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُ ابْنُ يَهُوشَافَاطَ الَّذِي طَلَبَ الرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِهِ. فَلَمْ يَكُنْ لِبَيْتِ أَخَزْيَا مَنْ يَقْوَى عَلَى الْمَمْلَكَةِ. 2 أخ 22 : 1 ، 9 ) .

و هكذا ذكر طوبيا شلمناسر و سنحاريب و لم يذكر سرجون للأسباب التالية :
I.فى عصر شلمناصر إحتل الآشوريين كل البلاد فيما عدا السامرة ، بعد أن عصى عليه هوشع و تحالف مع ملك مصر ضده .
II.الملك سنحاريب ( 704 – 682 ق.م. ) و الذى إعتلى العرش بعد سرجون الثانى ، هو الذى ضربه الرب حين الإستيلاء على أورشليم فى أيام حزقيا الملك ، و قد قتله إبناه عندما كان يسجد فى هيكل الإله نسروخ و هربا إلى آرارات ، و قد إهتم الكتاب المقدس كعادته بجوهر القصة و لم يورد التفاصيل الفرعية .
III.كان سرجيون الثانى مشغولا ً بقمع الثورات الداخلية فى الإمبراطورية ، مثل ثورة مردوخ فى سنة 721 ق.م. الذى إستطاع الإستقلال بحكم بابل عشر سنوات قبل قمعه ، و الثورات التى قامت فى حماة و غزة و دمشق و السامرة و رفح ، حيث
هزمها جميعا ً فى معركة قرقر ، و ثورة ( ميتاأوميداس ) ملك فريجية التى أقمعها فى معركة كركميش ، كما هاجم سرجون نفسه أوروراتو ( آرارات حاليا ً ) و حطمها ، ثم ثورة ( آزورى ) ملك أشدود مع بعض المدن الفلسطينية بالتحالف مع ملك مصر ، و لكنه سحقها جميعا ً فى سنة 711 ق.م. ، كما قام بإنتصارات مختلفة فى سنة 710 ق.م. فى سوريا و فلسطين و آرارات و غيرها ، و قد نعم ببعض الهدوء فى أواخر حياته فقام بأعمال تشييد كثيرة و قد قتل سنة 705 ق.م. فى مناوشة على الحدود مع آسيا الصغرى ، و دفن بعيدا ً عن وطنه و من هنا يتضح السبب فى إغفال السفر لسرجون الثانى
5.ورد فى كتابات سترابو STRABO المؤرخ الشهير ، أن راجيس مدينة بناها سلوقس نكانور فى سنة 300 ق.م. ، فى حين يذكر السفر أن رعوئيل سكن فى راجيس ( فى القرن السابع ق.م. ).
الرد

قد ينسب بناء مدينة واحدة لأكثر من شخص ، عندما يقوم الشخص الثانى بإعادة البناء أو الإضافة و التوسع ، و قد حدث ذلك كثيرا ً .


6.ورد فى السفر أن كل من رعوئيل حمو طوبيا ، و غابليوس مدين طوبيا ، قد سكنا فى مدينة راجيس ، فى حين يذكر السفر نفسه ، أن الملاك روفائيل سافر من عند رعوئيل إلى غابليوس لإسترداد الوديعة ، فكيف ذلك و هى مدينة واحدة ؟
.
الرد

هناك إحتمالين لذلك ، الأول أن يكون رعوئيل قد سكن فى أحد طرفى المدينة الكبيرة راجيس، بينما سكن غابليوس فى الطرف الآخر ، أما الإحتمال الثانى فهو أن يكون أحدهما أو كليهما قد سكن فى ضواحى و قرى بالقرب من تلك المدينة ، و أستخدم الإسم راجيس للتعبير عنها بإعتبارها الأشهر ، مثلما يطلق على القاهرة مصر و العكس .

7.
ذكر فى السفر أن طوبيا إصطاد سمكة من نهر دجلة ، فى حين أن هذا النهر لا يقع على الطريق من نينوى إلى راجيس .
الرد

بالرجوع إلى خريطة الإمبراطورية الآشورية ، يتضح لنا أن أحد فروع نهر دجلة الرئيسية ، يمتد شرقا ً حتى يصل إلى أكبتانا ( أحمتا ) حيث تقع راجيس هناك ( أنظر الخريطة ) .


8.كيف يصف السفر الملاك كاذبا ً ؟ إذ يقول أنه عزريا بن حننيا العظيم و أنه من سبط منسى ؟ .الرد
ظهور الملاك متخفيا ً ، ورد كثيرا ً فى أسفار العهد القديم ، و فى قصص الآباء ، و يمكننا أن نعتبر إسم الملاك روفائيل الذى إتخذ لنفسه بإعتباره معنى لمهمته ، فيكون المعنى هكذا : قوة الله ( عزريا ) إبن حننيا العظيم و هو المعنى الذى يتفق مع دوره فى الرحلة ، و أما قوله أنه من سبط منسى فهذا يعنى أنه مكلف بمساعدة شخص من نفس السبط ( راجع زيارة الملائكة لإبراهيم و لوط .. و صراع الملاك مع يعقوب ... إلخ ) .

9.كيف يمكن لشاب أعزل أن يصطاد حوتا ً ، و كيف يمكن أن تحيا الحيتان فى الأنهار فى حين أن مكانها المحيطات ؟ .الرد
جميع الترجمات اليونانية و الإنجليزية و القبطية ، أوردتها ( سمكة كبيرة ) و ليست حوتا ً ، و قد ترجع التسمية إلى الرغبة فى الإشارة إلى كبر السمكة ، كذلك تجدر الإشارة هنا ، إلى أنه و حتى وقت قريب ، كان الناس فى صلواتهم يقولون عن الخمس خبزات و السمكتين ( خمس خبزات و حوتان ! ) و قد وردت على هذا النحو فى بعض الأجابى القديمة .



10.كيف تبرأ عينى طوبيا بدهنهما بمرارة الحوت ؟ .الرد
الوصفات الطبية الشعبية ، كانت معروفة و متداولة ، و مازالت حتى اليوم فى كثير من القرى و بين عرب البادية ، غير أن الذى شفى طوبيا هو إيمانه مع العمل الخفى للروح القدس ، و هذا ما يحدث فى سر مسحة المرضى من استخدام زيت قهل يعقل أن الزيت لوحده ( دون قوة الله يشفي ؟ ) طبعا لا ولم نسمع هذا الإعتراض من احد خاصة أن الإنجيل المقدس يقول أن الرسل شفوا أناس كثيرين به (مرقس 6 : 13) (
وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.
) مع أن مادة الزيت لا تشفي وحدها ولكن الإعتراض أساسه موجه لعمل الله في الأسرار لأنهم ينكرون حدوث استخدام الله لهذه المواد لأيصال نعمته ( راجع التعليق على النص ) .

11.كيف يتسنى للشيطان أن يقتل أزواج سارة السبعة و من أين له هذا السلطان على أرواح البشر ؟.
الرد

واضح فى الكتاب المقدس أن الله سمح للشيطان بتجربة البشر ، و من البشر من مات بسبب تعذيب الشيطان له ، و السيد المسيح نفسه يصف الشيطان بأنه قتال للناس (أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. يو 8 : 44 ) كما تسبب الشيطان كثيرا ً فى إشعال الحروب مما تسبب عنها هلاك كثيرين ، و مع ذلك فإنه لم يستطع أن يؤذى طوبيا و ذلك لأنه بار و متكل على الرب ( حسب الترجمة اللاتينية ) .

12.ماذا يعنى أن الملاك طرد الشيطان و أوثقه فى برية مصر ؟ .
الرد معروف أن برية مصر العليا التي مقرها طيبة الأقصر الآن ( حسب النص اللاتينى ) و هى صعيد مصر ، كانت مليئة فى ذلك الوقت بهياكل الوثنية و التى تسكنها الشياطين ، كما أنه كان هناك إعتقاد ، فى ذلك الوقت ، بأن مصر هى آخر حدود العالم ، إذ كانت تمثل الحدود الجنوبية للإمبراطورية الآشورية ، فهو بالتالى ، قد طرد خارج العالم ! ، و كما أن مصر هى آخر الحدود الجنوبية ، فهذا يعنى أنه قد طرح إلى أسفل ! .
25فى ذلك الوقت أيضا ً كانت منطقة طيبة ( الأقصر ) تشهد نشاطا ً دينيا ً ملحوظا ً ، حيث يوجد الإله آمون ، معبود مصر كلها إذن ان زمان كتابة السفر يتزامن مع الأسرة الحادية والعشرون للخامسة والعشرون وهم المعروفون في التاريخ المصري القديم بأسر الكهنة لأن كهنة آمون استطاعوا إعتلاء عرش البلاد وشهد الدين نشاطا ملحوظا وتأثيرا قوي جدا في هذه الفترة فإذن كل ما عمله الملاك هو قصر نشاط هذا الشيطان على دائرته ومنطقة نفوذه الوثنية فقط.

13.كيف يتسبب وسخ العصفور الصغير فى فقدان البصر ؟ .
الرد

العين عضو حساس فى الجسم ، يتأثر سريعا ً لاسيّما باليوريا و الأمونيا ، التى يحتوى عليها وسخ العصفور ، و قد يكون طوبيا قد عالجها فى البداية بطريقة خاطئة ، أضف إلى ذلك أنه كان قد قارب الستين من عمره ، و العين فى مثل هذا السن لا تكون بقوتها فى الشباب ( أنظر تعليقنا على الإصحاح الثانى ) .


14.يذكر السفر أن طوبيا و الملاك ، كان يتبعهما كلب ، و هو الأمر غير المألوف لدى اليهود ، إذ تعد الكلاب فى نظرهم ضمن الحيوانات النجسة ، فكيف ذلك ؟ .
الرد

يجب ألا ننسى أن القصة قد حدثت خارج أورشليم ، مما يغفر بعض التجاوزات ، و قد تكون عادة إقتناء كلب للترفيه ، قد إكتسبت فى ذلك السبى ، و فى ميمر للقديس يوحنا ذهبى الفم ، يرد أن طوبيا تبعه كلب من مواشيهم ،
26 أى أن الكلب كان موجودا ً بغرض الحراسة (وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ضَحِكَ عَلَيَّ مَنْ يَصْغُرُنِي فِي الأَيَّامِ الَّذِينَ كُنْتُ أَسْتَنْكِفُ مِنْ أَنْ أَجْعَلَ آبَاءَهُمْ مَعَ كِلاَبِ غَنَمِي. راجع أى 30 : 1 و تعليقنا على النص ) كما يجب أن نجاسة الكلب في الأكل فقط وليس في الإنتفاع به وهذا أمر تعرض له اليهود كثيرا في شروحاتهم على التوراة – راجع مثلا باب عفوداه زاره في التلمود ( العبادة الأجنبية ) إذ يقررون أن الإنتفاع بشيء محرم أكله لا يعني تحليله بل الأكل شيء وإستخدامه في بعض المواد النافعة شيء – فمثلا دباغة الجلود تضطر الشخص إلى ملامسة جثث الحيوانات وسلخها وهو الأمر الذي يسبب نجاسة لدى اليهود لكن لم نسمع أن شخص ما اعترض على استخدام جلود هذه الحيوانات على الرغم من أنها في عملية السلخ والدباغة تسبب نجاسة.


15.ورد فى السفر أن طوبيا الشيخ تنبأ قبل موته بإعادة بناء أورشليم و الهيكل ، فى حين أن السبى البابلى لم يكن قد تمّ بعد فكيف ذلك ؟ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سفر طوبيا الأنبا مكاريوس – الأسقف العام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الانبا مكاريوس ... وموته الاول *** رسائل تماف ايرينى
» تفسير الكتاب المقدس كلة
» تفسير العهد الجديد لأبونا أنطونيوس فكرى
» تفسير العهد القديم لأبونا أنطونيوس فكرى
» تفسير سفر اللاويين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العالم افقر من ان يعطينا :: الكتاب المقدس :: تفسير الكتاب المقدس-
انتقل الى: